بدأت جمعية حماية الطبيعة في لبنان مبادرة جديدة وملهمة لإنشاء حديقة فراشات وإقامة مشتل للنباتات في الحديقتين القرآنية والإنجيلية في بلدتي كيفون وشملان بجبل لبنان. تهدف هذه المبادرة إلى تكريم الجمال الطبيعي الموصوف في النصوص المقدسة، وتوفير مساحة هادئة للتأمل الروحي، وتعزيز التنوع البيولوجي من خلال دعم كائنات حساسة مثل الفراشات.
ستصبح الحديقتان القرآنية والإنجيلية، المشهورتان بمناظرهما الطبيعية الهادئة وأهميتهما الرمزية، ملاذاً حيث تلتقي الطبيعة بالروحانية. تهدف حديقة الفراشات إلى خلق بيئة سلمية تجذب أنواع الفراشات وتدعمها، مما يوفر مكاناً مثالياً للزوار للتواصل مع الطبيعة وإيجاد السلام الداخلي. من خلال دمج الحفاظ على البيئة بالقيم الروحية، ستعزز هذه الحديقة الجمال الطبيعي للمنطقة وتسلط الضوء على الأهمية الثقافية والبيئية لتراث لبنان الطبيعي.

يُعد مشتل النباتات جزءاً أساسياً آخر من هذه المبادرة، إذ سيكون مورداً حيوياً لزراعة النباتات المحلية، مما يسهم في جهود الحفظ المحلية ودعم استعادة النظم البيئية في جميع أنحاء لبنان. من خلال إنتاج مجموعة متنوعة من النباتات المحلية، سيلعب المشتل دوراً رئيسياً في استعادة الموائل الضرورية لبقاء الحياة البرية المتنوعة في لبنان.
تأتي هذه المبادرة كجزء من جهود جمعية حماية الطبيعة في لبنان المستمرة لتعزيز الحفاظ على البيئة من خلال برامجها الناجحة، مثل برنامج الحمى لحماية الطبيعة، وحماة الحمى، ومسارات الحمى، ومدارس بلا جدران (SNOW). كانت هذه المبادرات أساسية في إشراك المجتمعات المحلية في حماية الموارد الطبيعية وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على النظم البيئية اللبنانية. كما أن توقيع ميثاق الحمى من قبل ثماني بلديات عزّز التزام السلطات المحلية بمفهوم الحمى، وهو نموذج تقليدي للحفاظ المجتمعي الذي عملت جمعية حماية الطبيعة في لبنان بجد لإحيائه.
تمثل مبادرات جمعية حماية الطبيعة في لبنان الجديدة رسالة أمل وصمود، خاصة في أعقاب التحديات الناجمة عن الحرب الأخيرة. ومن خلال التركيز على حماية الطبيعة والحياة البرية، تسعى المنظمة إلى توحيد المجتمعات حول قيم مشتركة للسلام والإشراف البيئي. وتواصل المنظمة الدعوة إلى ممارسات مستدامة تدعم تعافي النظم البيئية ورفاهية الأشخاص الذين يعتمدون عليها.
وقال أسعد سرحال، المدير العام لجمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) وأحد الفائزين بجائزة MIDORI للتنوع البيولوجي لعام 2018:
“مع استمرار جهودنا لتعزيز السلام والحفاظ على البيئة، نظل ملتزمين بشدة بدعم المجتمعات التي تأثرت بصعوبات الحرب. تمثل حديقة الفراشات ومشتل النباتات رمزاً لتكريسنا المستمر لجمال الطبيعة، لكنها أيضاً شعلة أمل لمستقبل أكثر إشراقاً وسلاماً”.
ستكون حديقة الفراشات مفتوحة للزوار، حيث يمكنهم الاستمتاع بجمال الطبيعة والتأمل في الروابط الروحية العميقة التي تجمع البشرية بالبيئة. ومن خلال هذه المبادرة، تأمل جمعية حماية الطبيعة في لبنان أن تُلهم تقديراً جديداً للعالم الطبيعي وتشجع المزيد من الناس على حماية التنوع البيولوجي الفريد في لبنان.

تُعد إدارة حديقة الفراشات أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيز الاستدامة البيئية. تُعتبر هذه الحدائق موائل طبيعية للفراشات، التي يواجه العديد منها خطر الانقراض بسبب فقدان الموائل وتغير المناخ. من خلال صيانة حديقة الفراشات، ندعم عملية التلقيح، حيث تلعب الفراشات دوراً رئيسياً في الدورة التكاثرية للعديد من النباتات، مما يسهم في الأمن الغذائي وتوازن النظام البيئي. تضمن الإدارة الفعّالة توافر النباتات المضيفة لليرقات والزهور الغنية بالرحيق للفراشات البالغة، مما يعزز نظاماً بيئياً مزدهراً. علاوة على ذلك، تُعد حدائق الفراشات مساحات تعليمية وترفيهية، تُرفع فيها مستويات الوعي حول أهمية حماية الملقحات وتُلهم المجتمعات للمشاركة في جهود الحفاظ على البيئة. من خلال رعاية هذه الحدائق، نوفر ملاذاً للفراشات بينما نعزز الانسجام البيئي ونقرب الناس من الطبيعة.
تُعد إدارة مشتل النباتات بفعالية أمراً أساسياً لضمان النمو الصحي للنباتات، وتلبية طلب العملاء، والمساهمة في الاستدامة البيئية. يوفر المشتل المُدار جيداً الظروف المثلى لتكاثر النباتات وتنميتها، بما في ذلك التربة المناسبة، والمياه، والإضاءة، والسيطرة على الآفات. يضمن ذلك إنتاج نباتات عالية الجودة تزدهر عند نقلها إلى الحدائق أو المناظر الطبيعية أو المواقع الزراعية. تتضمن الإدارة الفعّالة أيضاً التحكم في المخزون، مما يساعد على الحفاظ على توازن متنوع من أنواع النباتات لتلبية احتياجات السوق. علاوة على ذلك، تُعد المشاتل محورية في تعزيز التنوع البيولوجي ومكافحة تغير المناخ من خلال دعم إعادة التحريج وجهود تنسيق الحدائق المستدامة. من خلال التركيز على تخصيص الموارد بشكل صحيح، وتدريب الموظفين، واعتماد ممارسات صديقة للبيئة، يمكن للمشتل أن يصبح ركيزة أساسية لأنظمة بيئية أكثر خضرة وصحة.