ما هو نظام الحمى

0

ما هو الحمى

الحمى نظام تقليدي لحماية منطقة معينة يشمل الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية من جانب المجتمعات الأهلية المحيطة بالحمى ولمصحلتها. إنها طريقة تقليدية للمحافظة على التنوع البيولوجي كما على الإرث الثقافي للمنطقة لكي تم ساتعماله وتجري إدارته بطريقة مستدامة على يد المجتمع الأهلي المحلي.
تعني كلمة “الحمى” العربية، الأرض المحمية من الرعي وقطع الأشجار. وهو نظام يهدف إلى المحافظة على مساحات معينة للرعي حيث تُترك الأعشاب والأشجار لفترة من الوقت لتنمو بصورة طبيعية، يحرّم خلالها رعي الماشية باستثناء ما تفرضه الظروف المناخية القاسية، كالجفاف مثلاً.
لقد تمّ إنشاء نظام الحمى ضمن شبه الجزيرة العربية والمناطق الأخرى المجاورة قبل ظهور الإسلام. لكن الإسلام أدخل عدالة أكبر في إدارة الحمى ومشاطرة الموارد. فقد أعلن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ان الحمى هي لله ولرسوله فقط. ووضع النبي إرشادات عامة حولت الحمى بحيث أصبح أحد الأدوات الأساسية للمحافظة على الطبيعة في الشريعة الإسلامية. وفي هذا السبيل تمّ إلغاء الممارسة التي كانت سائدة قبل الإسلام والتي جعلت المحميات الطبيعية الخاصة مخصصة للاستعمال الحصري لأفراد أقوياء من القبائل وحوّلها لخدمة الخير العام. استند المفهوم الجديد على تنظيم، وصيانة، وإدارة واستعمال المراعي الطبيعية وأراضي المراعي بطريقة تتلاءم مع الأنظمة الايكولوجية والممارسات المحلية مع الخضوع لتعليمات معينة.
عندما ظهر الإسلام (610-633م) أصدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم (571-634م) قانوناً نص أن فيه على “المسلمين ان يتشاركوا في ثلاثة أشياء (موارد): المرعى، والماء، والنار (الطاقة)” مما يعني وجوب وضع الحمى في خدمة “المصلحة العامة”. علاوة على ذلك أمر بترك النباتات والأعشاب تنمو في منطقة الحمى وتزدهر وتتكاثر بوفرة، “من أجل فائدة كافة الحيوانات (تشمل بالتأكيد المواشي والطيور). وخلال عهد الخليفة عمر (633-644)، نصح الخليفة أحد ولاته بمنع مواشي الأثرياء من الرعي في مناطق الحمى لأنهم يستطيعون تحمل أكلاف بدائل أخرى بينما لا يستطيع الفقراء القيام بذلك.

DSC02854

في التراث الأدبي، تمّ تحديد أشكال عديدة من الحمى يعود تاريخها حتى إلى ما قبل ظهور الإسلام. الفئات الرئيسية هي
1. “الحمى” التي يحرم فيها الرعي بالمطلق. لكن قد يسمح فيها بجمع او قصّ الأعشاب شرط
ان يتم ذلك خلال مواسم محددة. علاوة على ذلك يمكن السماح بالقيام بذلك خلال أيام
معينة مخصصة للرجال وأيام معينة مخصصة للنساء.
2. “الحمى” حيث يسمح برعي المواشي خلال مواسم معينة او حيث يسمح بالرعي فقط لحيوانات
أليفة معينة، كالمواشي (وبالأخص مواشي الأحمال) ويحرم فيها رعي الخراف،
والماعز، والإبل.
3. “الحمى” التي يتمثل هدفها الأساسي في حماية النحل وإنتاج العسل لفترة زمنية معينة تتم
مناوبتها مع فترة لرعي المواشي.
4. “الحمى” المصممة “لقرية محددة” أو “لفرد محدد”. في هذه الحالة تسمى الحمى “القصد”
أو “حمى خاصة”.
5. “الحمى” المخصصة للمحافظة على الأشجار ولا سيما أنواع أشجار العرعر والسنط. تكون
هذه الحمى ملكاً مشاعاً لجميع افراد القرية ولا يجوز قطع أية شجرة إلا عند نشوء حالة طارئة
كالنكبات أو الكوارث التي تصيب القرية، مثل الحريق أو أي حدث فجائي آخر. في مثل
هذه الحالة يسمح بقطع الأشجار فقط لتحقيق المصلحة العامة لسكان القرية بمجملهم.

إعادة إحياء نظام الحمى

منذ العام 2004 اتخذت جمعية حماية الطبيعة في لبنان (SPNL) زمام القيادة في هذه المبادرة المهمة للمنطقة، وقامت الجمعية بالعمل على إحياء مفهوم الحمى ضمن عملها في المحافظة على المناطق المهمة للطيور (IBA) بالتعاون مع البلديات، أي السلطات المنتخبة المحلية. وحتى هذا التاريخ جرى تحديد ثمانية مواقع معلنة على انها حمى في لبنان.

اترك رد